منذ ظهور تقنية DLSS لأول مرة في عام 2019، أصبحت تقنيات رفع الدقة اتجاهاً “تريند” يتنافس فيه مصنعو البطاقات الرسومية، ونعني هنا AMD بتقنية FSR ومن بعدها Intel بتقنية XeSS. كل عام تقريباً نجد إصداراً جديداً من هذه التقنيات من مُصنع واحد على الأقل، وبالطبع يهدف كل مُصنع عند إطلاق الإصدار الجديد من تقنيته الخاصة لتحقيق أفضلية عن منافسه في نقطة ما.
يعلم الجميع تقريباً أن تقنيات رفع الدقة هذه -بغض النظر عن تسميتها- ترفع معدل الإطارات أثناء اللعب نتيجة خفض دقة الصور التي تعالجها بطاقة الرسوم ومن ثم رفعها بطريقة ما، وهو ما يعني أن تفوق هذه التقنيات يُقاس بعدد الإطارات وجودة الصور في نهاية المطاف. لكن لا يعرف معظم الأشخاص طريقة عمل هذه التقنيات بالضبط، ونخص بالذكر هنا تقنية DLSS وتقنية FSR، ولذلك قررنا إجراء مقارنة بينهما لمعرفة من هو الأفضل ولماذا.
رفع معدل الإطارات: الأثر السحري لتقنيات DLSS و FSR وأشباهها!
تُصنف تقنيات DLSS و FSR و XeSS بأنها رافعة للدقة “Upscaling” رغم أن هدفها هو رفع معدل الإطارات، ويحدث ذلك بتقليل دقة الصور التي تعالجها بطاقة الرسوم عند تشغيل لعبة ما ومن ثم رفعها لنفس دقة الشاشة بفضل خوارزميات فائقة الذكاء مما يخفف الضغط على بطاقة الرسوم ويسمح لها بالتركيز على تحقيق أعلى معدل إطارات ممكن، وهو ما يُترجم لتحسن الأداء.
لنضرب مثالاً بسيطاً لاستيضاح دور هذه التقنيات، فلنفترض أنك تلعب Cyberpunk 2077 بدقة 2K عبر شاشة بنفس الدقة وقمت بتفعيل تقنية DLSS، فهنا سيرتفع معدل الإطارات بدون تغير في دقة العرض، ولكن لعلك ستلاحظ شيئاً ما إذا كنت قوي الملاحظة.. أحسنت، تمت معالجة الصور بدقة منخفضة ثم رُفعت دقتها مجدداً ولكن بدون معالجة وهو ما سبب انخفاضاً طفيفاً في تفاصيل الصور، فلكل مكسب تضحية يا عزيزي!
لكن ثمة أمر هام هنا، لا تعمل هذه التقنيات إلا مع العناصر ثلاثية الأبعاد، أي أن كل العناصر ثنائية الأبعاد بما يشمل الظلال والانعكاسات بالإضافة للواجهة والقوائم الخاصة باللعبة نفسها لا تخضع لأي تعديل في الدقة، وذلك لأن هذه التقنيات لا تعمل بشكل جيد معها. لهذا عندما تعمل تقنية DLSS مثلاً، فإنها تتعامل مع العناصر ثلاثية الأبعاد فقط وتعتبر ما عداها وكأنه ليس موجوداً، وبعد الانتهاء من عملها تقوم بإعادة العناصر ثنائية الأبعاد لمكانها.
معلومة قد تصدمك: AMD لا تعتبر تقنية FSR منافسة لتقنية DLSS!
لست مضطراً لقراءة العنوان السابق مجدداً يا عزيزي، فتقنيتي FSR و DLSS تعملان بشكل مختلف قليلاً، وتختلف مكوناتهما، كما أن متطلباتهما مختلفة، وكل ذلك رغم تحقيق نفس النتيجة نظرياً، وهو ما يقودنا لاستعراض الفروق بينهما. لكن دعني أطلعك على سر صغير، قد تختلف طريقة عمل كل إصدار جديد عن الذي يسبقه من نفس التقنية، فلا يقتصر الأمر على مجرد صقل التقنية، بل قد يشكل الإصدار الجديد تقنيةً مستقلةً بذاتها عما قبلها!
إن تحدثنا عن تقنية FSR من AMD، فتتميز بشيئين؛ أولهما أنها تقنية لا تعتمد على العتاد، أي أنها تعمل مع جميع البطاقة الرسومية المتاحة بالسوق سواء كانت من AMD أو من غيرها، بل أنها قد تعمل مع المعالجات الرسومية للهواتف الذكية! ثانيهما أنها تقنية مفتوحة المصدر ومتاحة عبر منصة Github، فيمكن لأي مطور أن يدعمها بلعبته بدون تدريب مسبق، كما أنها متاحة عبر محركات عديدة أهمها Unreal Engine و Unity، بالإضافة لأي لعبة مبنية على واجهة DirectX و Vulkan.
أيضاً، تستخدم معظم المنصات المنزلية والمحمولة عتاداً من AMD، فمنصات مثل PS5 و Xbox Series X|S و Steam Deck و ROG Ally تستخدم عتاد AMD للشريحتين المركزية والرسومية، وهو ما يسمح لها بدعم تقنيات AMD بشكل رائع ومنها تقنية FSR بالطبع. ما أريد قوله هنا أن الفريق الأحمر لا يستهدف منافسة تقنية DLSS وإن كان ذلك لا يمنع من سعيه للتفوق عليها، فبينما تتواجد تقنية DLSS حصرياً لبطاقات Nvidia الداعمة لأنوية Tensor Cores، تعمل تقنية FSR مع جميع المنصات تقريباً، ولنا مع هذه النقطة حديث لاحق.
إذاً ما الفرق بين تقنية FSR من AMD وتقنية DLSS من Nvidia؟
تسمية FSR اختصار لجملة FidelityFX Super Resolution، ويبدو من الاسم أنها تقنية تهدف لرفع الدقة كما ذكرنا سابقاً. كيف يحدث ذلك؟ السر هو خوارزمية Lanczos العبقرية التي تقوم بخفض دقة الصور قيد المعالجة ورفع دقتها مجدداً، ثم يتم صقل الصور بمزيد من التفاصيل لتجعلها مقاربة للأصل، وكل ذلك بدون الحاجة لتقنيات تعلم الآلة، وهو ما يفسر عدم حاجة تقنية FSR لأنوية خاصة على غرار Tensor Cores من Nvidia.
لكن ثمة فارق شديد الأهمية بين FSR 1.0 و FSR 2.0 يدور حول منع التعرج “Anti-Aliasing” أي تنعيم الحواف، فبينما تستخدم تقنية FSR 1.0 مانع التعرج قبل رفع دقة الصور مما قد يسبب كارثة بصرية إذا كان مانع التعرج المدعوم باللعبة ضعيفاً، نجد أن FSR 2.0 ترفع دقة الصور أولاً ثم تستخدم مانع التعرج المؤقت “TAA” حسن السمعة، وهو مشابه لما تقوم به تقنية DLSS بالمناسبة.
أما عن تقنية DLSS، فتسميتها اختصار لجملة Deep Learning Super Sampling، ويبدو من الاسم أنها تهدف لرفع الدقة ولكن عبر التعلم العميق أي بالذكاء الاصطناعي، فالسر هو أنوية Tensor Cores، وهو ما يفسر حصرية تقنية DLSS لأنوية Nvidia الداعمة لهذه الأنوية. لا يوجد داعٍ لتكرار طريقة عمل تقنية DLSS، لأن ما يفرقها عن تقنية FSR الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وفيما عدا ذلك هما سيان باستثناء فروق داخلية بين DLSS 3.0 وكل من DLSS 2.0 و DLSS 1.0.
لا يختلف أول إصدارين من تقنية DLSS باستثناء بعض التحسينات المُفترض تواجدها مع كل إصدار جديد من أي تقنية، بينما يختلف الإصدار الثالث عنهما في أنه يدعم تكوين إطارات إضافية “Frame Generator”، وذلك عبر تتبع الإطار السابق والحالي للتنبؤ بالإطار القادم، للدقة فمن بين كل إطارين إضافيين يتم تكوينهما يتم التنبؤ بثلاثة أرباع أحدهما والآخر يتم التنبؤ به بأكمله، أي أن تقنية DLSS تتنبأ بسبعة من بين ثمانية بيكسلات معروضة.
تتفق تقنية DLSS مع تقنية FSR في نقطة أخرى، مفادها نواقل الحركة “Motion Vectors” التي تصف حركة العناصر بين كل إطار وآخر، وهو ما يساعدها على إضافة المزيد من التفاصيل لم تكن لتضيفها لو كان الإطار ثابتاً، بينما يتم استبعاد العناصر ثنائية الأبعاد كما ذكرنا سابقاً. لكن بما أن تقنية DLSS 3.0 تستطيع تكوين إطارات إضافية، فلا مجال لاستبعاد العناصر ثنائية الأبعاد، وهنا يأتي دور التدفق البصري “Optical Flow” الذي يصف حركة كل بيكسل منفرداً، وبذلك تتمكن تقنية DLSS 3.0 من تكوين إطار من الصفر بكل تفاصيله!
مما سبق يمكن الوصول لنتيجة هامة، تقنية DLSS 3.0 يمكنها رفع معدل الإطارات بشكل كبير مقارنةً تقنية FSR 2.0، ولكن ثمة عيب قاتل تنجو منه تقنية FSR 2.0، ألا وهو ازدياد معدل التأخير. عندما يتم تكوين إطار من الصفر، فذلك الإطار لا يمر عبر حاسوبك مطلقاً، فهو إطار زائف لا يستجب لمدخلات أدوات التحكم، مما يسبب ارتفاع معدل التأخير، وهنا يأتي دور تقنية Nvidia Reflex لمزامنة التعليمات الصادرة من وحدة المعالجة المركزية “CPU” مع عملية المعالجة الصادرة من بطاقة الرسوم “GPU”، بل أنها قد تقلل معدل التأخير حسب Nvidia.
كسبت تقنية DLSS الانتشار إلا أن FSR قد كسبت ولاء مطوري الألعاب!
تتفوق تقنية DLSS فيما يخص عدد الألعاب الداعمة لها، ولكن هذه التقنية تتطلب أنوية Tensor Cores لتعمل، بل أن DLSS 3.0 حصرية للبطاقات RTX 40 لتطلبها الجيل الرابع من الأنوية السابق ذكرها. على الجانب الآخر، تقنية FSR متاحة لجميع البطاقات الرسومية، ولذلك كسبت AMD ولاء مطوري الألعاب بتقنية FSR، فبدلاً من أن يكرس المطور وقته في دعم تقنية حصرية مثل DLSS ليحرم ملاك البطاقات الرسومية الأخرى من الاستمتاع بتجربة لعب سلسة، يمكنه ببساطة دعم تقنية FSR بلعبته ليضرب بتقنية DLSS عرض الحائط ولن ينتقده أحد!
الأمثلة عديدة ولكننا لن نسردها جميعاً بالتأكيد، لنتحدث مثلاً عن لعبة The Callisto Protocol، هذه اللعبة من تطوير Striking Distance، وهو استوديو مستقل يهدف لاستعراض عضلاته بلعبة مُتطلبة تقنياً، فما الذي سيدفعه لتكريس جهد من أجل دعم تقنية DLSS تاركاً كارثة من الأداء التقني لمعظم ملاك البطاقات الرسومية، ومن بينها بطاقات Nvidia القديمة مثل GTX 10 المتصدرة للبطاقات الرسومية وفقاً لمنصة Steam؟ بالتأكيد سيقرر الاستوديو دعم لعبته بتقنية FSR لمصلحة جميع اللاعبين.
ننتقل لمثال آخر، وهو لعبة Star Wars Jedi: Survivors، جميعنا قد تفاجأ بإعلان Lisa Su، الرئيس التنفيذي لشركة AMD عن تعاونها مع EA لتحسين أداء اللعبة “Optimization” خصيصاً لمعالجات AMD، بالإضافة لتوفير نسخة مجانية من اللعبة عند شراء أحد معالجات Ryzen 7000. بعيداً عن الأغراض التجارية، إلا أن تقنية FSR خيار مفضل لأي مطور ولو كان تابعاً للعملاق EA كما هو الحال مع استوديو Respawn، وذلك لنفس السبب المتعلق بتعميم التمتع بتقنيات رفع الدقة.
لا يتعلق الأمر بحجم المطور أو مدى تطلب اللعبة تقنياً إذاً وخير أمثلة على ذلك Dead Island 2 و Resident Evil 4 Remake و Far Cry 6. لكن الأمر يدق مع الحصريات، فمعظم منصات الألعاب تستخدم عتاد AMD كما ذكرنا سابقاً، مما يستلزم دعم هذه الحصريات بتقنيات AMD بما أن منصة التطوير نفسها متوافقة بالكامل مع هذه التقنيات، وهو ما يوفر من وقت وجهد ومال استوديوهات التطوير، خصوصاً عندما لا تكون اللعبة متاحة للحاسب الشخصي عند إطلاقها، ولذلك نجد ألعاباً مثل Gran Turismo 7 لا تدعم سوى تقنيات AMD ومنها FSR بالطبع.
دعك مما سبق ولنذكر أقوى حصريات Xbox القادمة، غالباً أنت تعلم بتعاون AMD مع Bethesda كشريك حصري للعتاد مع لعبة Starfield لتحسين الأداء خصيصاً لعتاد AMD للبطاقات الرسومية والمعالجات، ثم أعلنت عن توفير نسخة مجانية من اللعبة مع كل من معالجات Ryzen 7000 وبطاقات رسوم Radeon RX 6000/7000 والحواسيب الداعمة لأحد المعالجات وبطاقات الرسوم السابقة معاً! هذه التعاونات ليست الأولى ولا الأخيرة، وتؤكد أن AMD اتخذت قراراً صائباً بجعل تقنيتها متاحة لجميع المنصات وبغض النظر عن عتادها، وهو ما قد يضمن لتقنية FSR إزاحة تقنية DLSS من عرشها قريباً!